أكد الدكتور الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة، رئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة “دراسات” أن الاستثمار في الفكر الاستراتيجي، يسهم بفعالية في إحداث التغيير الإيجابي المنشود، من خلال إنتاج رؤى ملهمة، وديناميكية جديدة، تدعم السلام والحريات والتنمية، وفي الوقت ذاته تواجه التطرف والإرهاب بكافه أشكاله.
وأوضح رئيس مجلس الأمناء، خلال كلمته في المؤتمر السنوي العاشر لمركز الخليج للأبحاث، والذي نظمه بجامعة كامبريدج البريطانية، بحضور نخبة من المسؤولين والأكاديميين ووسائل الإعلام، أن منطقة الشرق الأوسط، تعتبر في الوقت الراهن من أكثر مناطق العالم، حاجة إلى هذا الاستثمار، وخوض “حرب الأفكار” لمواجهة الأيديولوجيات الثيوقراطية والمتطرفة، بعد أن غلب الاختلاف على التعايش، والفوضى على الاستقرار، وزاد عدد الدول الفاشلة أو على حافة الانهيار.
وبين الدكتور الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة، أن هناك نظريات عديدة، حاولت أن تشرح طبيعة الأوضاع في المنطقة أو تتعامل معها مثل: نظريات “ملء الفراغ” و”الفوضى الخلاقة” لكن تظل نظرية “القوة” تضع بصماتها على مسار الأحداث بالمنطقة. والخطورة أن هذه القوة تستمد وقودها في أغلب الأحيان، من النعرات الطائفية، والأفكار المتطرفة، وكراهية الآخر.
وأشار رئيس مجلس الأمناء، إلى أن إيران تعد مثالا بارزا في هذا الشأن، فبعد أربعة عقود كاملة من الثورة، يمكن القول بثقة: إنها ليست دولة طبيعية، ومشروعها القائم على التوسع للسيطرة على دول المنطقة، يستهدف اشعال الحرائق، وإثارة الأزمات، ورعاية وتمويل المليشيات الإرهابية. فالتدخلات الإيرانية في العديد من دول المنطقة، ماثلة للعيان. وفي وطني البحرين تم ضبط العديد من خلايا الإرهاب التي تلقت التدريب والتمويل، وتم تهريب واستعمال المتفجرات. وكشفت التحقيقات والقرائن، أنها موالية للحرس الثوري الإيراني أو أحد تشكيلاته في دول الجوار.
وتابع قائلا: المثير أن نظام الملالي والإرهاب التكفيري، يكملان بعضهما البعض، فرغم اختلاف المسميات، إلا أن العقيدة والغاية واحدة وهي: مسؤولية تغيير العالم بأوامر إلهية، وبالتالي فأي عمل إرهابي، مشروع ومبرر، من وجهة نظرهم.
ونوه الدكتور الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة، إلى أن الشرق الأوسط يعيش حاليا على وقع أزمة جديدة، مع التصعيد الأخير في منطقة الخليج العربي، والاعتداء الإرهابي على ناقلات النفط المدنية، وتقديم أدلة تؤكد المسؤولية الإيرانية عن تلك الهجمات، بما يعيد إلى الأذهان مجددًا سيناريو “حرب الناقلات” إبان الحرب العراقية الإيرانية في ثمانينيات القرن الماضي، واستهداف إيران ناقلات النفط. ورغم أن الأزمة بين واشنطن وطهران، تحمل سيناريوهات عدة، تتأرجح بين التصعيد العسكري والدعوة إلى التفاوض، لكن حسابات كل طرف من حيث التكلفة والخسائر، تجعل خيار الحرب صعبا للغاية.
وأضاف المحاضر: يبقى النزاع الفسطيني الإسرائيلي، كمصدر دائم للتوتر. ولأننا نريد أن نكون جزءا مؤثرا من الحل، فقد استضافت البحرين ورشة “الازدهار من أجل السلام” كمبادرة للتنمية وللتعليم والحياة الأفضل، لشعوب المنطقة، وخاصة الشعب الفلسطيني، بالإضافة إلى توفير بيئة مناسبة للسلام.
وقال الدكتور الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة: لقد شهدت منطقتنا في العقد الأخير، حالات عنيفة من التغيير، لكنها لم تسفر عن شئ سوى إنهيار المؤسسات الوطنية، ونزاعات طائفية وعرقية متوحشة، وعرقلة خطط التنمية، كما أن حقبة الاضطرابات، زادت من صعوبة السير في طريق الإصلاح. وللأسف هناك جيل جديد في العديد من دول المنطقة لا يعرف سوى لغة العنف والرغبة في الانتقام. وأبرز المستفيدين من هذا الوضع المأساوي، إيران وقادة التطرف. وبالتأكيد، فإن دول أوروبا لم تكن بعيدة عن تداعيات تلك الأحداث، لاسيما تدفق المهاجرين والإرهاب. ولعل معظمنا قد تيقن بعد هذه التجارب المريرة، أن الاستقرار والإصلاح المتدرج، واستدامة التنمية، والتعليم، ونشر خطاب الوسطية، تمثل مرتكزات ضرورية للتطور الديمقراطي، كما حان الوقت كي نبعث رسالة جماعية حازمة لإيران، مفادها كفي عبثًا وإرهابًا، وتدخلا في شؤون الآخرين، وتهديدًا للسلم والأمن الدوليين.
وأكد رئيس مجلس الامناء، أن دول الاعتدال العربي، وفي مقدمتها مملكة البحرين، تسعى إلى إطفاء حرائق إيران بالمنطقة، ومنع تهديد الملاحة الدولية، مبينا أن هذه الدول، تمتلك منظومة متكاملة في مكافحة التطرف والإرهاب، تدمج البعد الأمني مع النمو الاقتصادي والتنمية البشرية، والوسطية الدينية.
وعرج الدكتور الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة، للحديث عن مسيرة الإصلاحات الناجحة في مملكة البحرين، بقيادة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد المفدى، حفظه الله رعاه، موضحا أن المملكة تقدم نموذجا للإصلاح الذاتي، يراعي التنوع في إطار الوحدة، من خلال تأصيل الممارسة الديمقراطية، وتفعيل المشاركة الشعبية، في ظل الفصل بين السلطات، بالإضافة إلى تحقيق التنمية المستدامة، استنادًا إلى مبادئ رؤية البحرين الاقتصادية 2030 (الاستدامة، التنافسية، العدالة) وفي إطار شراكة جميع الفئات كالمرأة والشباب.
وخلص الدكتور الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة، في ختام كلمته، إلى أهمية تضافر الجهود الدولية من أجل التصدي للتحديات القائمة، وإدارة الخلافات بطريقة أفضل، وضمان نصيب من الفرص والأمل خاصة للشباب، وكذلك التركيز على الإنسان، وضمان حقه في بيئة آمنة ومزدهرة.