على الرغم من أنّ توقيع إيران ومجموعة دول ال5+1 اتفاقاً بشأن برامج إيران النووية في الرابع عشر من يوليو2015 كان أمراً متوقّعاً في ظل وجود العديد من المؤشرات، وخاصة من جانب الولايات المتحدة الأمريكية؛ للحرص على توقيع ذلك الاتفاق، فإنه قد أثار الكثير من الجدل – ليس بسبب مضمونه – ولكن بالنظر إلى توقيته ومواقف دول مجلس التعاون تجاهه، وذلك انطلاقاً من حقيقة مؤداها أنه من التبسيط الشديد النظر إلى الاتفاق، من منظور أطرافه فحسب، وإنما في سياق البيئتين الإقليمية والدولية، من ناحية ثانية بالرغم من أنّ الاتفاق جاء بعد عدّة سنوات من التفاوض بين الجانبين، تخللتها حالات من الشدّ والجذب بينهما، بلغت مداها عندما حاولت الولايات المتحدة إحالة الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن والذي اصطدم بالفيتو الروسي، فإنّ للاتفاق مدى زمنيّاً محدّداً، وبالتالي لم يُنهِ الطموحات النووية الإيرانية لإمكانية تطوير طاقة نووية لغير الأغراض السلمية، وإنما ربما جعلها أمراً مؤجّلاً، وهو ما أثار مخاوف دول مجلس التعاون التي تعاني من خلل في توازن القوى التقليدي مع إيران التي تؤسس علاقاتها مع دول المجلس على توازن القوى بدلاً من توازن المصالح، ومن ناحية ثالثة، وفي ظلّ استمرار العديد من القضايا الخلافية بين إيران وبعض دول مجلس التعاون، فإنّ السياسة الإيرانية تجاه دول المجلس وتجاه ملفّات الأمن الإقليمي عموماً، لم تشهد تغيّرات إيجابية في أعقاب توقيع ذلك الاتفاق، بل على العكس من ذلك شهدت العلاقات السعودية- الإيرانية توتراً في يناير 2016، ويثير ما سبق أربعة تساؤلات رئيسية وهي:
الأول: لماذا يعدّ الاتفاق تطوّراً نوعياً ضمن هيكل الأمن الإقليمي الخليجي؟
والثاني: هل أنهى الاتفاق النووي طموحات إيران النووية؟ أم أنه يُعدّ تأجيلاً لها؟
والثالث: ما هو تأثير الاتفاق على السياسة الإيرانية تجاه دول مجلس التعاون ومنظومة الأمن الإقليمي؟
والرابع: ما هي خيارات دول مجلس التعاون سواء تجاه الاتفاق أو السياسات الإقليمية لإيران؟