أمن الطاقة في مضيق هرمز.. بين التهديدات الإيرانية والمسؤولية الدولية

أمن الطاقة في مضيق هرمز.. بين التهديدات الإيرانية والمسؤولية الدولية

مع بدء العد التنازلي لتطبيق العقوبات الأمريكية على النفط الإيراني مطلع شهر نوفمبر2018 تحاول إيران إثارة بعض القضايا التي تظن أنها ربما تمثل «ضغطًا» على الولايات المتحدة والمجتمع الدولي ومنها التهديد بإمكانية إغلاق مضيق هرمز أو على الأقل تعطيل الملاحة فيه، وواقع الأمر أن إثارة إيران تلك القضية ليس بالأمر الجديد حيث دأبت إيران على التلويح بتلك الورقة إبان المفاوضات النووية التي امتدت طيلة اثني عشر عامًا كان آخرها خلال الجولة الأوروبية للرئيس الإيراني حيث قال خلال لقائه الجالية الإيرانية في جنيف: «إن منع إيران من تصدير النفط يعني أن دول المنطقة كافة ستتوقف عن بيع النفط» فضلاً عن بعض التصريحات التي صدرت من أفراد الحرس الثوري في هذا الشأن، إلا أن رد الولايات المتحدة الأمريكية جاء سريعًا وحاسمًا وعلى لسان المتحدث باسم القيادة الوسطى في الجيش الأمريكي بالقول: «إن القوات البحرية الأمريكية والحلفاء الإقليميين جاهزون لضمان حرية الملاحة والتدفق الحر للبضائع حيثما يتيح القانون الدولي في الخليج العربي»، ولعل إمعان النظر في ذلك الرد يعكس عدة دلالات مهمة أولها: أن الولايات المتحدة الأمريكية ملتزمة ليس فقط بمسألة أمن الطاقة بل بالملاحة البحرية والتي لا تزال وسيلة نقل مهمة للعالم لعديد من السلع والبضائع، وثانيها: ما تضمنه التصريح من رسالة واضحة ومحددة لإيران من أن إقدامها على تلك الخطوة من شأنه أن يضعها في مواجهة المجتمع الدولي وليس الولايات المتحدة والدول الغربية فحسب في ظل وجود قوانين دولية نصت على حرية الملاحة في مثل تلك المضائق، ومن ثم حال تفكير إيران في إغلاق المضيق فإن ذلك سيكون انتهاكًا لاتفاقية قانون البحار التي أقرتها الأمم المتحدة عام 1982 ما يعني أن إيران سوف تواجه تحالفًا دوليًا مدعومًا بقرارات أممية، وثالثها: إشارة التصريح إلى «الولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين» يؤكد مجددًا انتهاء الحدود الفاصلة بين الأمن الإقليمي والأمن العالمي عندما يرتبط الأمر بقضايا حيوية مثل أمن الطاقة، تلك القضية التي كانت- ولاتزال- ضمن القضايا الاستراتيجية لجميع الإدارات الأمريكية المتعاقبة حيث ظل الحفاظ على أمن الطاقة هدفًا استراتيجيًا لتلك الإدارات بغض النظر عن توجهاتها ويؤكد التاريخ ذلك الأمر ومن ذلك أمران: الأول خلال الحرب العراقية-الإيرانية في الثمانينيات عندما قامت إيران باستهداف ناقلات النفط الخليجية الأمر الذي حدا بها إلى رفع أعلام الدول الغربية وقادت الولايات المتحدة تحالفًا دوليًا لحماية تلك الناقلات، والثاني: عندما قادت الولايات المتحدة تحالفًا دوليًا لتحرير دولة الكويت من الغزو العراقي عام 1991، ما يعني أن الولايات المتحدة والدول الغربية لن تسمح لأي قوة بتهديد أمن الطاقة في منطقة الخليج العربي.

Related posts