نحو تنفيذ السياسات والاستراتيجيات الوطنية بنجاح… لا بد من التصميم!

نحو تنفيذ السياسات والاستراتيجيات الوطنية بنجاح... لا بد من التصميم!

إن‭ ‬نجاح‭ ‬أي‭ ‬سياسة‭ ‬مرهون‭ ‬بطريقة‭ ‬بتخطيطها‭ ‬وتصميمها‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬أهدافها‭ ‬المنشودة‭. ‬وليس‭ ‬الأمر‭ ‬بغريب‭ ‬عن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تخلو‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬سياساتها‭ ‬أو‭ ‬استراتيجياتها‭ ‬من‭ ‬دراسة‭ ‬تامة‭ ‬وتصميم‭ ‬لاستخدام‭ ‬الخطط‭ ‬وأفضل‭ ‬الطرق‭ ‬والأدوات‭ ‬المثلى‭ ‬والإجراءات‭ ‬الواضحة‭ ‬لحل‭ ‬مشكلة‭ ‬محددة،‭ ‬وتحدد‭ ‬الحكومة‭ ‬اختيار‭ ‬الأداة‭ ‬المناسبة‭ ‬ومدى‭ ‬تأثيرها‭.‬

ويمكن‭ ‬لتصميم‭ ‬السياسة‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬متناقضا‭ ‬ومربكا‭ ‬للحكومات‭ ‬التي‭ ‬ترغب‭ ‬في‭ ‬إرضاء‭ ‬مختلف‭ ‬أصحاب‭ ‬المصلحة‭ ‬والتكيف‭ ‬مع‭ ‬مطالب‭ ‬المواطنين‭ ‬المتغيرة،‭ ‬ومحاولة‭ ‬تنفيذ‭ ‬السياسات‭ ‬طوال‭ ‬الوقت‭. ‬

وهناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬أدوات‭ ‬التصميم‭ ‬الحالية‭ ‬المتاحة‭ ‬للحكومات‭ ‬لاستخدامها‭ ‬لأي‭ ‬هدف‭ ‬سياسي‭ ‬معين‭. ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان،‭ ‬تكمن‭ ‬المشكلة‭ ‬أنه‭ ‬بمجرد‭ ‬أن‭ ‬تتجاوز‭ ‬الحكومات‭ ‬مرحلة‭ ‬التصميم‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬التنفيذ،‭ ‬يتم‭ ‬إغلاق‭ ‬فصل‭ ‬مرحلة‭ ‬التصميم‭ ‬إلى‭ ‬الأبد،‭ ‬وتأتي‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المشاكل‭ ‬المحتملة‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تحدث‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬التنفيذ‭.‬

وللوصول‭ ‬إلى‭ ‬حل‭ ‬لهذه‭ ‬المشكلة،‭ ‬يمكن‭ ‬لحكومات‭ ‬المستقبل‭ ‬أن‭ ‬تستفيد‭ ‬من‭ ‬مواءمة‭ ‬التصميم‭ ‬والتنفيذ،‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬معاملتهما‭ ‬كعنصرين‭ ‬منفصلين‭ ‬تماما،‭ ‬ويمكن‭ ‬لصانعي‭ ‬السياسات‭ ‬القيام‭ ‬بذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬طريق‭ ‬دمج‭ ‬آليات‭ ‬محددة‭ (‬تعليقات‭ ‬أصحاب‭ ‬المصلحة‭) ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬التنفيذ،‭ ‬بحيث‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬تصميم‭ ‬السياسة‭ ‬مرنا‭ ‬بما‭ ‬يكفي‭ ‬لتعديلها‭ ‬باستمرار‭ ‬إذا‭ ‬أوضح‭ ‬التنفيذ‭ ‬الحالي‭ ‬أن‭ ‬التعديل‭ ‬ضروري‭.‬

نظرياً،‭ ‬قام‭ ‬مركز‭ ‬تصميم‭ ‬وتنفيذ‭ ‬السياسات‭ ‬الذكية‭ ‬في‭ ‬كلية‭ ‬كينيدي‭ ‬بجامعة‭ ‬هارفارد‭ ‬بالتركيز‭ ‬على‭ ‬موضوع‭ ‬تصميم‭ ‬السياسات‭ ‬والذي‭ ‬ينطوي‭ ‬على‭ ‬ست‭ ‬خطوات‭ ‬مهمة،‭ ‬ويجمع‭ ‬هذا‭ ‬النهج‭ ‬لتصميم‭ ‬السياسات‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬العناصر‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬التي‭ ‬تدعم‭ ‬بعضها‭ ‬البعض‭. ‬وأن‭ ‬تحسين‭ ‬تصميم‭ ‬السياسة‭ ‬يغذى‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬خطوة‭ ‬من‭ ‬الخطوات‭ ‬الخمس‭ ‬الآتية،‭ ‬وهي‭: ‬

أولاً،‭ ‬تحديد‭ ‬المشكلة،‭ ‬ويعني‭ ‬تحديد‭ ‬المشكلة‭ ‬التي‭ ‬ترمي‭ ‬السياسة‭ ‬إلى‭ ‬حلها،‭ ‬ويمكن‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬جميع‭ ‬أصحاب‭ ‬المصلحة‭ ‬المعنيين‭ ‬مع‭ ‬الاعتراف‭ ‬بفرص‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬المشكلة‭ ‬بالتعاون‭ ‬معهم‭.‬

ثانياً،‭ ‬التشخيص،‭ ‬معرفة‭ ‬سبب‭ ‬وجود‭ ‬مشكلة،‭ ‬والتمييز‭ ‬بين‭ ‬أسباب‭ ‬المشكلة‭ ‬وأعراضها‭. ‬

ثالثاً،‭ ‬تصميم‭ ‬السياسة،‭ ‬ومعرفة‭ ‬الخيارات‭ ‬لمعالجة‭ ‬المشكلة،‭ ‬مع‭ ‬مراعاة‭ ‬السياق‭ ‬والقدرة‭ ‬والاستفادة‭ ‬من‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬وآراء‭ ‬الخبراء‭ ‬من‭ ‬أصحاب‭ ‬المصلحة‭ ‬والموارد‭ ‬المتاحة‭. ‬

رابعا،‭ ‬التنفيذ،‭ ‬تنفيذ‭ ‬الحلول‭ ‬التي‭ ‬صممت‭ ‬لعلاج‭ ‬المشكلة،‭ ‬ولكن‭ ‬ليس‭ ‬بالضرورة‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع‭ ‬من‭ ‬البداية‭ ‬ولكن‭ ‬تنفيذها‭ ‬خطوة‭ ‬بخطوة‭.‬

وخامسا،‭ ‬اختبار‭ ‬نتائج‭ ‬تطبيق‭ ‬السياسة،‭ ‬إن‭ ‬اختبار‭ ‬نتائج‭ ‬تنفيذ‭ ‬السياسة‭ ‬الموضحة‭ ‬في‭ ‬الخطوات‭ ‬السابقة‭ ‬خطوة‭ ‬مهمة‭ ‬تؤدي‭ ‬بطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬إلى‭ ‬تحسين‭ ‬تطبيق‭ ‬السياسة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تصحيح‭ ‬خطوة‭ ‬أو‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الخطوات‭ ‬إن‭ ‬تطلب‭ ‬ذلك‭. ‬

إن‭ ‬عملية‭ ‬صنع‭ ‬السياسات‭ ‬عملية‭ ‬معقدة‭ ‬ولكنها‭ ‬مستمرة،‭ ‬تتطلب‭ ‬من‭ ‬الحكومات‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مرنة‭ ‬في‭ ‬تقبل‭ ‬تعليقات‭ ‬أصحاب‭ ‬المصلحة،‭ ‬وأن‭ ‬تتحمل‭ ‬المخاطر‭ ‬لجني‭ ‬ثمارها‭ ‬وتجنب‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬أن‭ ‬تقود‭ ‬إلى‭ ‬خسارات‭ ‬فادحة،‭ ‬وأن‭ ‬تكون‭ ‬منفتحة‭ ‬على‭ ‬ارتكاب‭ ‬الأخطاء‭ ‬والتعلم‭ ‬منها،‭ ‬وتعديل‭ ‬المسار‭ ‬الذي‭ ‬تسلكه‭ ‬خلال‭ ‬العملية‭.‬

ويمكن‭ ‬للاستراتيجيين‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الحكومي‭ ‬تطبيق‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الاستراتيجيات‭ ‬الوطنية‭ ‬لتحقيق‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬أهداف‭ ‬ورؤية‭ ‬المملكة‭ ‬لعام‭ ‬2030م‭ ‬وما‭ ‬بعدها‭ ‬كاستراتيجية‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬للصناعة،‭ ‬البيئة،‭ ‬الطاقة،‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي،‭ ‬السياحة،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬السياسات‭ ‬التي‭ ‬تركز‭ ‬على‭ ‬تنويع‭ ‬واستدامة‭ ‬القطاعات‭ ‬غير‭ ‬النفطية‭.‬

المصدر: أخبار الخليج

على فقيه، أستاذ مشارك

Related posts